لما اتجوزت زمان نصيبي وقعني في محسن جوزي.. هو حاليًا شغال في دبي، عايش هناك في سكن مع صحابه، عشان كدة كان صعب اسافر معاه، وطبعًا بحكم شغله كل فين وفين لما بيجي يقعد معايا، ووقت مابيكون مسافر انا بقعد مع أمي في بيتها، بس قبل ما يرجع، بروح انضف شقتي واستقبله احسن استقبال.. واهو رضيت بالوضع ده عشان محسن راجل جدع وبيحبني وشاريني، ورغم اني راضية، الا انه بيحاول ياخدني معاه حتى لو هيجي على نفسه، لكن للأسف الوضع استمر سنين، وانا اتعودت عليه.. ولحد هنا الدنيا ماشية تمام، بس خلونا نيجي لليوم اللي محسن نزل فيه مصر مفاجأة، بدل ما يجي على شقتنا زي كل مرة، اتفاجئت به جالي على شقة أمي، اللي مسكت فيه طبعًا عشان يقضي الليلة عندها، وتاني يوم يبقى يحلها حلال ونمشي براحتنا، وفعلا محسن وافق من غير تردد، قعدنا يومها نتفرج على فيلم ومن حظنا الحلو وبالنسبة لمحسن تحديدَا، كان فيلم رعب، هو بيحب الأنواع دي من الأفلام، ولما الفيلم خلص، قام دخل الحمام خد دش، بعدها دخل الأوضة ورمى نفسه على السرير، وشوية وانا دخلت انام جنبه.. بس وقتها سمعت صوت حاجة بتخروش برة، الأقرب إنه صوت قطة، لكن قطة ازاي؟!.. احنا مش مربيين أي حيوانات في البيت، قومت أطمن احسن تكون قطة دخلت واحنا مش واخدين بالنا، فتحت باب الأوضة وخرجت على الطرقة، وقتها سمعت صوت الخروشة جاي من أوضة أمي، الصوت كان عالي لدرجة انه يصحي أي حد من النوم، وده اللي استغربته لما فتحت باب أوضتها ولقيتها نايمة زي ماهي، مش حاسة بأي حاجة، اما القطة، فكانت واقفة جنب السرير، لونها اسود وعينيها بيضة، منظرها من بعيد يرعب، بلعت ريقي وناديت على امي بقلق:
– ماما، اصحي ياماما.
في اللحظة دي القطة نطت على سرير أمي، جريت على أمي وحاولت أنجدها، لكن انجد مين؟.. ده ماكنش في حد على السرير أصلا!.. مع اني سايبه أمي على سريرها قبل ما أخش أوضتي، من الخضة ندهت بعلو صوتي على محسن، ووقتها سمعت صوت بيهمس في ودني:
– هم مش هنا، انتي بس اللي معانا، ولو عايزة تعرفي الحقيقة، هتلاقيها في صندوق قديم مقفول من سنين.
بعدها كل حاجة اختفت، وبمجرد ما بربشت عيني، لقيت…
*****
لما بربشت بعيني لقيت نفسي واقفة قدام أمي في الأوضة، ونور الشمس داخل ومالي المكان، بلعت ريقي وبدأت أقولها وأنا بتهته في الكلام:
– هـ.. هـ.. هو ايه اللي حصل؟
ردت عليا وهي مستغربة…
– ايه اللي حصل يا دعاء؟!.. كل ده عشان بقولك نضفي الأوضة؟
خدت نفس عميق وقولتلها بهدوء:
– يا أمي، يا حبيبتي، أنا متأكدة إني كنت في اوضتك بالليل، و.. ومحسن، فين محسن؟
– طب هعدي انك كنتي في اوضتي من لحظات، لكن محسن ايه؟!.. محسن في الإمارات يا حبيبتي، ايه اللي هيجيبه هنا؟
– اقسملك بالله محسن جه امبارح وبات في اوضتي، وفي قطة كانت هنا على السرير بتاعك، بعدها لقيت نفسي قصادك، امي.. انا مش مجنونة.
– وليه سيرة الجنون اللي تتعب الأعصاب دي، لو مش عايزة تنضفي الأوضة قولي.
– بقى كده يا فاتن، ماشي، اللي انتي شايفاه، ولو على الأوضة.. فـ انا هنضفها.
خبطت كف على كف وهي خارجة برة الأوضة:
– لا حول ولا قوة إلا بالله، الصبر من عندك يا رب.
خدت على خاطري من طريقتها، وفي نفس الوقت فضلت أقنع نفسي ان كل اللي حصل حلم، بس حلم ايه اللي اصحى منه واقفة؟.. وعشان أشغل تفكيري واحاول انسى اللي حصل، لهيت نفسي في التنضيف لحد ما لقيت صندوق ذكريات أمي القديم اللي حطاه تحت السرير، رجعته مكانه من غير ما افتحه زي مابتقولي كل مرة، بس المرة دي الموضوع اختلف، لأني افتكرت الهمس اللي سمعته في ودني امبارح، بصيت على الباب عشان اشوف امي معديه ولا لأ، ولما لقيت الدنيا أمان، فتحت الصندوق، وقلبت فيه، كان جواه دهب أمي على صور قديمة، فيه منها المحروق ومنها السليم، لحد ما لقيت صور لنفس الست بتتكرر كتير مع جوزها، بديهي عرفت ان دي جدتي الله يرحمها، أصلي مالحقتش أشوفها، اتوفت هي وجدي زمان في حادثة عربية، غير كده ماعرفش عنهم حاجة، ووسط الصور اللي قصادي لقيت قصاقيص جرايد، واحدة منهم كان فيها صورة لجدتي، والعنوان مكتوب فيه “اتهمت الجن في مقتل زوجها، بعدما قتلته بعدة طعنات”.. العنوان شدني وفزعني، قلبت في باقي القصاقيص الموجودة لحد ما لقيت واحدة تانية مكتوب فيها “مستشفى الأمراض العقلية تستضيف قاتلة الجان”.. من الصدمة ماستوعبتش، حاولت ابلع ريقي لكنه كان ناشف، وقتها أمي طبت عليا وشافتني بقلب في الصندوق وزعقت فيا، بس انا ماهتمتش بأي حاجة غير اللي شوفته:
– انتي ليه ماقولتليش؟
ردت عليا بزعيق:
– اقولك ايه؟.. انتي بتفتشي في حاجتي يا دعاء، مش انا قو..
قاطعتها بحدة وانا مش قادرة أبص في عينيها:
– جدتي.. قتلت جدي ليه؟
أول ما سِمعت اللي قولته سكتت، بعدها بلعت ريقها وردت بحزن:
– ليه كده يا دعاء، ماكنش له لزوم تعرفي، ده ماضي وادفن، وادفنت معاه كل حاجة واتنست.
– لو نسيتي ماكنتيش احتفظتي بالحاجات دي لحد دلوقتي.
– انا احتفظت بيها عشان مش مصدقة.
– مش مصدقة ايه بالظبط؟!.. انها قتلت جوزها اللي هو ابوكي، ولا ان الجن هو اللي قتله؟
– مش مصدقة ان كل ده حصل، امي في الفترة الأخيرة كانت بتعاني من اضطرابات، بتشوف حاجات وبتسمع حاجات تانية، حياتها كانت متعبة وتعبانا احنا كمان معاها، فـ أبويا اللي هو جدك، قرر يوديها لدكتور نفسي، وعشان هي كانت رافضة وقتها، جابلها دكتور على اساس انه واحد زميله، قعد معاها كذة مرة بس مافهمش هي بتمر بايه، كل اللي قاله ان عندها هلاوس سمعية وبصرية، وانها في حالة متقدمة ولازم تاخد بسببها أدوية، ومن هنا، ماكانش قدام أبويا غير انه يصارحها باللي حصل، ولما صارحها، غضبت وعملت مشكلة.. عدى على الحال ده أيام وأنا شايفه الخناقات بينهم بتزيد، وفي يوم كنت عند عمتي وجالنا الخبر، قتلته، وكل اللي كان على لسانها حاجة واحدة، هو اللي قتله، بس هو مين؟.. مانعرفش، هي بس اللي عارفة، بعدها دخلت مستشفى الأمراض العقلية، ومن ساعتها وأنا ماليش علاقة بيها، لا بشوفها، ولا أعرف عنها حاجة.
– يعني انتي طول السنين دي كلها كنتي بتضحكي عليا!
مسحت دموعها وطلعت فيا مرة واحدة:
– اقولك ايه؟.. امي ست مجنونة وقتلت جوزها.. اللي هو أبويا؟!.. اسكتي انتي ماشوفتيش اللي أنا شوفته يا دعاء.
حالة الغضب اللي كانت متملكة أمي اتحولت لنوبة عياط، هديتها وخدتها في حضني، بعدها اتأسفتلها عن كلامي ومسحت دموعها، ولمت الحاجة جوة الصندوق ما عدا الدهب اللي خدته وقالتلي:
– كل اللي في الصندوق هنا كان لازم يتحرق، ومن زمان، مش من دلوقتي.
اليوم عدى وماحصلش فيه اي جديد، ولما النوم كبس عليا، خدت بعضي ودخلت أوضتي وفردت ضهري على السرير، وقتها دماغي كانت مشغولة باللي حصل اليوم كله، لكن النوم غلبني ونعست.. ماعرفش عدى قد ايه لما فوقت على صوت واحدة بتندن بأغنية لأم كلثوم (يا اللي ظلمتوا الحب، وقولتوا وعيدتوا عليه، قولتوا عليه مش عارف ايه) قومت من على السرير ومشيت ورا الصوت، بس أول ما وصلت الطرقة، الصوت وقف، بصيت حواليا شوفت واحدة تشبه أمي، كانت واقفة ورا راجل نايم على الكنبة وبتندن بنغمة الاغنية وهي شاردة ومبتسمة ابتسامة مرعبة، لكن الرعب الحقيقي كان في السكينة اللي مسكاها في ايدها، مرة واحدة رفعتها وطعنت الراجل اللي نايم على الكنبة كذا طعنة، وفي لحظتها مات، مش هقدر انسى نظرة عينيه وهو باصصلها برعب، ومن غير ما ينطق بـأي كلمة نظرته كانت بتتكلم وبتقولها.. ليه؟.. ووسط ما انا واقفة بتفرج الست دي بصتلي، كانت لسه مبتسمة وعينيها بيضة، بس في اللحظة دي ملامحها اتغيرت لراجل اصلع، عينيه هو كمان كانت بيضة، ماعندوش حواجب، بوقه كبير لدرجة ان ابتسامته كانت من الودن للودن، الراجل ده قرب مني بكل هدوء، حاولت اهرب ماقدرتش، رجلي اتسمرت مكانها، ولما قرب مني همس في ودني وقال:
– ماتخافيش، دي جدتك.
مانطقتش، ماكنتش عارفة أقول ايه، ولا أنا بكلم مين، بس هو، زي مايكون سمع افكاري ورد عليا:
– انا احلامك، وقدرك اللي مكتوبلك هو انك تسمعي كلامي، دعاء… مش كده؟
– انت عرفت اسمي منين؟
– مش قولتلك اني احلامك وقدرك اللي مكتوبلك، ماتخافيش، دي مش هتبقى اخر مرة، لسه هزورك تاني، بس افتكري انك هتسمعي كلامي.
خلص الكلمتين دول واختفى، بعدها كل حاجة اختفت معاه، فوقت وانا نايمة على سريري، جسمي كان عرقان واعصابي سايبة، طلعت برة أوضتي ودخلت أنام جنب أمي، لما لقيتني فردت جسمي جنبها قامت مفزوعة وقالتلي بصوت نعسان:
– في ايه يابنتي؟
– أنا أسفة يا ماما، انا بس قلقت في اوضتي، فقومت أنام جنبك.
– وأنا كمان كنت بحلم بكابوس، وانتي كأن ربنا بعتك ليا، فوقتيني في حتة ماكنتش عايزة اشوفها، بس ماتخافيش ونامي جنبي.. اهو نونس بعض.
ابتسمتلها وانا متطمنه ونمت وانا مرتاحة، وتاني يوم صحيت على صوتها وهي قاعدة جنبي، الدموع كانت نازلة من عينيها، أول ما شافتني مسحت دموعها وابتسمتلي:
– انتي صحيتي يا حبيبتي؟
– اه.. مالك يا ماما؟
– انا!.. لا انا كويسة، انا بس افتكرت حاجة كده؟
– حاجة ايه؟
– مافيش.. افتكرت ايامي معاهم، تعرفي انا عمري ما روحتلها المستشفى ليه؟.. مش عشان اللي عملته وبس، عشان انا مش مصدقة اللي حصل، تخيلي تبقي شابة صغيرة وتلاقي امك قتلت ابوكي، وبعدها الحكومة قبضت عليها وبقى اسمها وسيرتها على كل لسان، طب تعرفي.. انا لو رجع بيا الزمن، كنت زورتها ولو مرة واحدة بس.
– طب ما يلا دلوقتي، اهو تروحي متأخر، أحسن ما ماتروحيش خالص.
– مش قادرة يا دعاء، هفتكر اللي فات وهتعب، وانا اصلا تعبانة بقالي فترة.
بمجرد ما قالت انها تعبانة مسكت بطنها، بعدها بدأت ترجع، ومع ترجعيها وتعبها الغريب ده، نزلنا للدكتور وكلامه ماكنش يطمن، قال انها لازم تمشي على ادوية معينة، ولو ماجابتش نتيجة هتتضطر تنتظم على كيماوي، الكلام نزل عليا زي الصاعقة، وفضلنا على الحال ده شهور، لحد ما في ليلة ماطلعلهاش شمس أمي استنجدت بيا، كانت بتتألم على سريرها وبترجع دم، كل اللي كان في ايدي اني اتصلت بالإسعاف والدكتور اللي بيتابع حالتها، لكن للأسف، قبل ما يجوا كانت خلاص، قابلت رب كريم، أمي ماتت، من الصدمة لساني اتشل يوم كامل، ماكنتش عارفة اعمل ايه، ولولا ولاد الحلال في العمارة ماكنتش هعرف لا ادفنها ولا اطلع التصاريح، وبعد يوم ماعرفش عدى عليا ازاي، اتصلت بمحسن، قولتله اللي حصل، وبعد ما حكيتله، اتعصب عليا لاني ماقولتلوش من ساعتها، ولما حاول ياخد اجازة ماعرفش، كان عنده مشكلة كبيرة في الباسبور والتأشيرة، حاول يحلها ماعرفش برضه، لكن انا طمنته وقولتله اني كويسة، وكل اللي هعمله اني هنام على فرشتها الأيام الجاية، ولما خلصنا كلام، قفلت معاه ودخلت اوضتها وريحت فيها شوية، الدموع كانت بتنزل من عيني بمجرد ما افتكر كل اللي بيننا، وصراعها مع المرض في الفترة الأخيرة، كنت شايفاها بتتألم ومش قادرة أعملها حاجة، واخرتها سابتني لوحدي بعد ما كانت كل حياتي، راحت.. راحت خدت ومعاها الحتة الحلوة اللي كنت عايشة بسببها.
تتبع.
ماتنساش تعمل لايك وكومنت برأيك بعد ما تقرأ عشان ده بيشجعني أكمل، ولو عجبتك القصة يا ريت تاخدها شير، وبس كده، اشوفكوا في الجزء التاني.
#أندرو_شريف
لعنة ظريفة
٢
قفلت معاه ودخلت اوضتها وريحت فيها شوية، الدموع كانت بتنزل من عيني بمجرد ما افتكر كل اللي بيننا، وصراعها مع المرض في الفترة الأخيرة، كنت شايفاها بتتألم ومش قادرة أعملها حاجة، واخرتها سابتني لوحدي بعد ما كانت كل حياتي، راحت.. راحت خدت ومعاها الحتة الحلوة اللي كنت عايشة بسببها.
لكن يشاء القدر ان بعد اسبوعين من وفاة أمي، ان يتبعتلي جواب من مستشفى الأمراض العقلية، عشان حد ياخد الأستاذة ظريفة علي السيد، جدتي ووالدة أمي، وكان مكتوب في الجواب انها اتعافت بالكامل.. عقلي كان بيقولي اتجاهل الموضوع، لكن حاجة تانية جوايا كانت عايزاني اجيبها واستضيفها هنا، اكيد امي وقتها هتبقى مبسوطة، خاصة انها كانت نفسها تشوفها، ولولا الظروف والمرض اللي عاشت فيه أخر ايامها، كانت راحتلها، وعشان كده وبعد تفكير خدت قراري، هو واني تاني يوم هروح اقابل جدتي ولأول مرة، وبعدها هجيبها هنا، في بيت أمي.
وفعلا، تاني يوم روحت المستشفى، بس قبل ما اخش حسيت ان قلبي مقبوض، وان فيه حاجة مش مظبوطة بتحصل، وبسبب احساسي، أخدت نفس عميق ودخلت، خلصت كام اجراء والدكاترة وصلوني ليها، أول ما شوفتها اتخشبت مكاني، السن كان باين عليها اوي، ضهرها محني وشعرها ابيض، ملامحها تشبه أمي كتير، قربت منها بخطوات هادية لحد ما المسافة بينا بقت يدوبك، خطوتين، قربت مني وحضنتني وهي بتقولي:
– ياه يا فاتن، انتي لسه فاكراني؟
بمجرد ما قالت اسم امي صُعقت، حسيت برعشة خفيفة في جسمي وخوفت، بعدها بصيتلها في عينيها وقولتلها:
– أنا دعاء يا تيتا، حفيدتك.
– ياااه، هي فاتن بقى عندها عيال، طب هي فين وماجتش معاكي ليه؟
– امي.. تعيشي انتي يا تيتا.
– ماتت.. ماتت ازاي وامتى، دي كانت لسه عندي من اسبوع؟
– عندك من اسبوع!، ازاي وهي ماتت من قبل كده!
– مش عارفة، يمكن… يمكن هو وانا ماعرفش.
– هو مين بالظبط؟
– فاتن!.. عاملة ايه يا حبيبتي؟
– يا تيتا أنا دعاء.. والله العظيم انا ما فاتن.
لما قالتلي كلامها اللي مش مظبوط وبعده سِكتت، حسيت اني خدت القرار الغلط في مجيتي هنا، لكن خلاص، اتحطيت قدام الأمر الواقع وطلعنا على بيت أمي، أول ما وصلنا هناك جدتي فضلت تبص على الحيطان، لحد ما عينيها جت على الكنبة، في اللحظة دي شردت للحظات وابتسمت، بعدها بصتلي وقالت:
– شلبي وحشني أوي يا فاتن.
– يا تيتا أنا دعاء بنتها اقسم بالله، وجدو مات من زمان.
– اه، شلبي مات، ما هو قالي.
– هو مين يا تيتا؟
– هو، الصوت اللي بيناديني، هو مش بيناديكي انتي كمان؟
قلقت منها ومن طريقتها، بعدها بلعت ريقي ورديت عليها…
– لا يا تيتا، مافيش حاجة بتناديني.
– طب.. طب انا مبسوطة، مبسوطة أوي، هي فين أوضتي عشان عايزة أنام شوية.
وصلتها أوضة أمي وسيبتها تنام، بعدها طلعت برة وقعدت قصاد التلفزيون، فتحته وشغلت مسرحية العيال كبرت، أصلي مهما كبرت مش هكبر عليها، لأنها أحسن مسرحية شوفتها، وعلى الرغم اني حافظة المشاهد، الا اني بضحك عليها في كل مرة، مع اني بقول الكلام معاهم، وفي وسط مانا مندمجة مع المسرحية، سمعت صوت حد بيضحك، قولت اكيد بيتهيألي أو ده صدى صوتي، مبررات منطقية، او على الاقل انا عايزاها منطقية لأني مندمجة ومش عايزة حد يفصلني، لكن صوت الضحك اتكرر مرة تانية، فمسكت الريموت ووطيت التلفزيون شوية، بعدها ركزت مع صوت الضحك، لقيته بيتكرر على وقت متقطع وجاي من الطرقة، قومت من على الكنبة واتمشيت للطرقة واستنيت صوت الضحك يتكرر، فضلت على الوضع ده حوالي عشر دقايق لحد ما زهقت وقولت لنفسي (انتي اتجننتي بجد ولا ايه يا دعاء، ما الدنيا زي الفل ومافيش لا صوت ولا نيلة، انا اطلع برة تاني).. أول ما حرّكت رجلي، صوت الضحكة اتعاد مرة تانية، الصوت كان جاي من اوضة نوم امي الله يرحمها، الأوضة اللي فيها جدتي دلوقتي، بلعت ريقي واتمشيت للأوضة وفتحت الباب:
– يا تيتا، انتي صاحية؟
اول ما فتحت الباب لقيتها قعدة على السرير ومدياني ضهرها، لما حست بوجودي اتكلمت وقالتلي:
– هو اللي قالي كده، وقالك انتي كمان.
قلقت من طريقتها ورديت عليها بنبرة خوف…
– هو مين ده، مافيش حد في الشقة هنا غيري أنا وانتي، انتي كويسة؟.. نرجع المستشفى طيب؟
بمجرد ما جيبت سيرة المستشفى اديتني وشها وصوت الضحك اتحول لصوت عياط.
– لا، ماترجعنيش هناك يا دعاء، ارجوكي، خليني هنا.
اطمنت شوية لما نادتني بدعاء، وعشان اطمن أكتر، قفلت عليها الباب بالترباس، بعدها طلعت برة اكمل المسرحية لأني كنت لسه حاسة بالقلق، وشوية شوية نسيت، خصوصًا لأن الصوت اختفى، ولما المسرحية خلصت دخلت أنام، نمت نوم هادي وماشوفتش حاجة غريبة، بس تاني يوم صحيت على صوت حد بيرزع برة، الصوت ده جاي من الأوضة اللي فيها جدتي، قومت من على السرير وجيبت المفاتيح، وأول ما فتحتلها لقيتها طبيعية ومافيهاش حاجة، بالعكس، دي فضلت تعاتبني شوية على اللي انا عملته، واني مايصحش اقفل عليها الباب، وفي نص الكلام قالتلي كلمة خلتني برقت:
– انتي لازم تروحي لدكتور.
حسيت اني في نص هدومي وفضلت ساكتة، وبعد سكوت مادامش كتير، وعدتها اني مش هعمل كده تاني.. وتمر الأيام من غير ما حاجة تحصل، لدرجة اني ابتديت أخد عليها في البيت وقررت أحكي لمحسن عن استضافتي ليها، وفي اليوم ده، اتصلت بيه فيديو كول، أول ما رد عليا قولتله:
– عامل ايه با حبيبي ، وحشتني، هتيجي امتى بقى؟
فكر للحظات كأنه عايز يقول حاجة ومتردد، قلقت من طريقته وقولتله…
– مالك ساكت ليه يا محسن؟
– أصلك حرقتي المفاجئة بتاعتي، لأني نازل مصر بعد كام يوم، واهو.. بجهز دلوقتي للسفر.
– ياااه.. انت مش متخيل انا كنت محتجاك قد ايه الفترة اللي فاتت، من ساعة موت أمي وحاجات كتيرة حصلت، طب انت تعرف، جدتي طلعت عايشة.
– عايشة ازاي يعني يا دعاء، ناقص تقوليلي جدك كمان لسه عايش.
رديت عليه بتوتر:
– لا، ماهو جدي اتوفى على ايديها.
سكت للحظات وبعدها رد عليا وهو منفعل…
– معنى كلامك ان جدتك هي اللي قتلت جدك، انتي تعرفي الكلام ده من امتى يا دعاء؟.. وماقولتليش ليه؟
– اقسم لك بجلالة الله ما كنت اعرف غير قبل وفاة امي بكام اسبوع، وبعدين انا ماكنتش عارفة اجيبهالك ازاي.
– وطنط الله يرحمها، هي كمان ماكنتش تعرف.
– ايه يا محسن، انت عايزها تيجي تقولي ان جدتي قتلت جدي، طبعا خبت عليا السنين دي كلها وانا عرفت صدفة، وبعدين الست كانت مريضة وعندها هلاوس، الغريب انها خفت والمستشفى بعتتلي.
– وطبعا انتي زي الشاطرة، هتقطعي الورقة ومش هتدخلي قتالة القتلة دي بيتي، مش كده؟
رديت عليه وانا متوترة:
– اه، طبعا طبعا، هعيش معاها ازاي دي، مانت عارف، انا بخاف من خيالي اصلا، انا بس قولت أقولك، ماانت عارف، ماقدرش اخبي حاجة عنك، هو مرض ماما اللي خلاني انسى احكيلك مش اكتر.
– عاقلة يا دعاء، لما انزل مصر نشوف الموضوع ده.
– قولي بس، هتنزل يوم ايه؟
– لسه مش متأكد، بس هو في خلال اليومين اللي جايين.
– هستناك يا حبيبي، يلا، باي.
قفلت معاه وانا خايفة ومتوترة، مش عارفة هعمل ايه في المصيبة اللي انا فيها، وساعتها، ماكنش قدامي غير اني اكمل الكدبة، وفي اليومين اللي هيقعد فيهم معايا هجيب واحدة تراعي جدتي، احسن ما ارميها في الشارع وهي ست كبيرة، ووسط مانا بفكر في حل سمعت صوتها بتنادي عليا، طلعلتها برة وقعدت معاها:
– ايه ياتيتا، عايزاني في حاجة؟
– لا مش عايزة حاجة، بس انتي مالك؟، وشك مخطوف كده ليه، انتي.. انتي خايفة من حاجة؟
– اخاف؟!.. اخاف من ايه، ما انا كويسة وزي الفل اهو.
– كل ما بتشوفي وشي بحسك قلقانة وخايفة، وانا مش بلومك يا حبيبتي، عارفة ان الماضي صعب يتنسي، بس والله انا مظلومة، وكل اللي حصل ماكنش بـ ايدي.
– مش الماضي بس، أول ما جيتي هنا كنتي غريبة، بعد كده اتحولتي ورجعتي طبيعية، وانا مش فاهمة ايه السر ورا اللي بيحصل.
– الأدوية يا بنتي، كنتي فاكرة اني من غيرها هبقى كويسة، بس للأسف، من غيرها ببقى شخص تاني، بسمع صوت شخص بيهمس في ودني، الشخص ده انا اعرفه كويس وشوفته قبل كده، اصلع وشكله مرعب، وعلى فكرة هو ظهرلي في الليلة الملعونة، ومن كرهي له قررت أقتله، طعنة في التانية في التالتة، لحد ما مات قصادي، لحظتها كل حاجة اتبدلت والشخص اللي قدامي اتحول، بقى شلبي جوزي، بعدها الحكومة طبت ودخلت في س و ج واتهموني اني قتلته، لكن والله العظيم أنا ماقتلتوش.
في اللحظة دي ملامح جدتي اتحولت لملامح مرعبة، رجعت تبتسم نفس الابتسامة مرة تانية، والمرادي الموضوع كان مختلف، لانها حاولت تتخلص مني، وكل اللي كان على لسانها حاجة واحدة:
– زي ما قتلتك مرة، هقتلك مليون مرة يا مجذوب.
– يا تيتا فوقي، انا دعاء.
اتبدلت ملامح وشها لملامح طفولية، بعدها قالتلي:
– فاتن حبيبتي، وحشتيني، هو عايز يقتل شلبي.
– هو مين يا تيتا؟ انا دعاء.
ملامحها اتحولت لملامح غضب وقالتلي وهي منفعلة:
– المجذوب، هو المجذوب.
حاولت تخبطني بحاجة لكني فاديتها وجريت على اوضتها جبتلها الدوا، اديتهولها ورجعت كويسة. بعدها طلبت تنام، خدتها من ايدها عشان تريح شوية على السرير، وانا نزلت اشتري طلبات، ولما طلعت عملت الغدا واكلنا…. ساعة والنوم كبس عليا دخلت اوضتي نمت… مش عارفة عدى قد ايه ؟ ، بس صحيت على صوت واحدة بتضحك، عرفت انها جدتي، بس الصوت المرة دي غير أي مرة، لأنه أعلى، ووسط ..ما هي بتضحك قالت بحس عالي:
– المجذوب.
فضلت تعيد في الكلمة بنبرات صوت مختلفة، ومع تكرارها للكلمة سمعت خطوات اقدام جاية من الطرقة، انتهت قدام باب اوضتي، وقتها صوت فتح الباب رن في ودني، خاصة انه كان بيتفتح بهدوء شديد، وقتها جدتي دخلت راسها وهي تانياها وبصالي وهي مبرقة، ده غير ابتسامة المرعبة وعينيها البيضة الواضحة من الضلمة، من خوفي اتكومت على السرير، استنيت الخطوة التانية من جدتي وهي قتلي، حصل عكس مانا متوقعة وجدتي قفلت الباب في هدوء، اتمشت لبرة وهي بتندن في اغنية سيرة الحب، لحظات والصوت بدأ يختفي تدريجيا، تلاشى مع صوت قفل باب الشقة، مافهمتش اللي بيحصل وقعدت في مكاني، فضلت على نفس الوضع نص ساعة، عدت عليا كأنها سنة، في الأخر اتجرأت وقومت من على السرير، طلعت برة وندهت على جدتي…
تتبع.
ماتنساش تعمل لايك وكومنت برأيك بعد ما تقرأ عشان ده بيشجعني أكمل، ولو عجبتك القصة يا ريت تاخدها شير، وبس